تاونسيت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

(وَاللهُ يَعلَمُ وَأنتُمْ لا تَعلَمُونَ)

اذهب الى الأسفل

(وَاللهُ يَعلَمُ وَأنتُمْ لا تَعلَمُونَ) Empty (وَاللهُ يَعلَمُ وَأنتُمْ لا تَعلَمُونَ)

مُساهمة من طرف mouradmerzougui الجمعة يونيو 17, 2016 2:34 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

أيها الأخوة؛ لأن أمر الله التكليفي واضح وضوح الشمس: وهو الأمر والنهي في الكتاب والسنة, هذا أمره التكليفي, لكن لله أفعالاً؛ يعطي ويمنع, ويُمرض, ويرفع ويخفض, ويعز ويذل, وتأتي جائحة, ويهلك الزرع, وتزلزل الأرض, وتطوف الأنهار, وتأتي الصواعق, وتنشب الحروب الأهلية, وتجتاح بلاد بلاداً أخرى, وهناك المشردون, والمفقودون, والقتلى, وما إلى ذلك......, وهناك سنوات مطيرة, وسنوات عجفاء, وهناك رزق وفير, ورزق قليل, وهناك ثمار يانعة, وطائف يطوف على المزروعات, فيصيبها بالصقيع, وينتهي الغلال كله, هذه أفعال الله. 
النقطة الدقيقة جداً: أن أفعال الله متعلقة بصالح المؤمن في الآخرة.
الإنسان لقصر نظره: يرى دنياه فقط؛ فيرى الفقر مصيبة, ويرى احتراق محله مصيبة, ويرى عدم إنجابه الأولاد مصيبة, فالإنسان إذا عرف أن لله حكماً, لو كشفت لذاب الإنسان كالشمعة محبة لله, هذا يكون يوم القيامة, لكن ربنا عز وجل علمنا بقصة قصيرة حكماً كثيرة؛ فحينما جاء الخضر -عليه السلام- وقتل الغلام, وخرق السفينة, والحقيقة: بالمنطق غير مقبول ذلك.
إنسان يركب إنسان مجاناً, ويأتي هذا الراكب الذي أُحسن إليه فيخرق السفينة, شيء غير مقبول؛ لا عقلاً, ولا منطقاً, ولا ذوقاً, ولا شرعاً أساسياً.
فربنا عز وجل ذكر لك قصة الخضر مع سيدنا موسى, لتكون هذه القصة دليلاً لك على كل أفعال الله, (على كل أفعال الله). والآية التي تتمم هذه الآية:
﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ 
[سورة البقرة الآية:216]
العقل البشري قاصر عن أن يفهم حكمة الله, المخلوق الحادث لا يستطيع أن يستوعب حكمة الله الأزلية, الأبدية, القديمة, هذا الشيء فوق طاقة البشر, لكن إذا رأيت أن لهذا الكون إلهاً عظيماً, وأن هذا الكون أكبر شهادة على عظمة الله, وأن هذه الأفعال أفعاله, هذا خلقه, فينبغي أن تكون أفعاله مشابهة لخلقه في الحكمة, والرحمة, والعدالة, فإذا أيقنت أن هذا الكون عظيم, وأن وراءه خالق عظيم, هذا الذي تراه عينك: أفعال الله عز وجل, وهذه الأفعال: وعسى أن تكرهوا منها شيئاً –يعني- وهو خير لكم.
فقصة الخضر عليه السلام, سيدنا موسى: آتاه الله الأمر التكليفي؛ افعل ولا تفعل, وسيدنا الخضر: آتاه الله الأمر التكويني, فهذا الخلاف الذي ظهر بين سيدنا الخضر وسيدنا موسى, خلاف بين أمر الله وفعله. سنأتي بمثل بسيط يوضح القصة:
في أي مدرسة, يوجد نظام داخلي, الطالب ينجح للخامس, أحياناً المعلم: إذا وجد طالب مهمل, ينزله على الرابع بإجراء موقت, حتى يهزه, أما هذا خلاف النظام الداخلي, لكن هذا المعلم بحكمة بالغة: أراد أن يدفع هذا الطالب للدراسة, فأنزله لصف أدنى, وخلاف النظام, لكن الإجراء آتى ثماره يانعة, الطالب رُض رض نفسي شديد, فانطلق للدراسة.
فأحياناً أفعال الله: قد لا تستطيع أن تفهمها من خلال أمره, تجد إنسان ملتزم, فقير, إنسان هاجر, شقي, المال يحار فيه...... يا ربي ما هذه الحكمة؟ هو أساساً لا بد من أن تستسلم.
فإذاً: أول درس بليغ من قصة سيدنا موسى والخضر: أن الخضر -عليه السلام- آتاه الله حكمة الأمر التكويني, وسيدنا موسى آتاه الله الأمر التكليفي, فبعد أن وضح الأمر لسيدنا موسى, اتفقوا, وحلت المشكلة, هذه قصة ينبغي أن تبقى لنا على مدى الأيام دليلاً؛ كلما شيء انزعجت منه, قل, كخرق السفينة خرقت, فنجت من المصادرة:
﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً 
[سورة البقرة الآية:216]
والنبي صل الله عليه وسلم قال: 
((عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان ذلك خير له, وإن أصابته ضراء صبر فكان ذلك خير له, وليس ذلك لغير المؤمن))
يعني: رجل كل حياته مريض, قال لي: مرة عاتبت ربي: يا ربي, أنا طول عمري مريض, لا يوجد يوم سررت فيه, قال: وقع في قلبه: أن يا عبدي لولا هذا المال, لما كنت بهذا الحال, لأن الله عليم, يعرف كل إنسان من أين يأتيه؟ هذا يأتي من مرض, هذا يأتي من ابن, هذا يأتي من زوجة, هذا يأتي من فقر, هذا من غني, لولا يعني...... 
((ليس في الإمكان أبدع مما كان))
هذه قصة بليغة جداً, يجب أن تقيس عليها آلاف القصص, وكل شيء أزعجك في حياتك, تذكر قصة سيدنا الخضر, خرق السفينة, فنجت من المصادرة, أما سيدنا علي -رضي الله عنه- يقول:
((والله لو كشف الغطاء, ما ازددت يقيناً برحمة الله, وعدالته, وحكمته))
قبل كشف الغطاء, ليقيني بعد كشف الغطاء, نعم.
وصحابي ثان قال: 
((والله لو علمت أن غداً أجلي, ما قدرت أن أزيد في عملي))
العدَّاد مسكر على الآخر, يركض سريعاً.
((لو علمت أن غداً أجلي, ما قدرت أن أزيد في عملي))
هكذا كان الصحابة.
النقطة الثانية: قصة صاحبا الجنة, الذي قال:
﴿ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً 
[سورة الكهف الآية:34]
أنا ألح دائماً: على أن قصص القرآن الكريم ليست قصصاً, إنما هي قوانين وقواعد, وهذه القصة: لولا أنها تمثل نماذج متكررة إلى نهاية الحياة, لما أصبحت قرآناً يتلى.
يعني: كلما أنت كنت بنعمة أخطأت, وقلت: أنا لولا حكمتي البالغة, لولا خبراتي المتراكمة, لولا أنني يقظ, لولا أنني...... لما كنت بهذا الحال, أشركت ولم تدر:
﴿ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً ﴾
[سورة الكهف الآية:34]
فلذلك: ممكن يعني الله عز وجل يقلب الموازين.
يعني: أنا أذكر قصة...... بقرابة بعيدة, امرأة يعني عندها ولد في بطنها, وولد على يديها, وولد يمشي في الأرض, ثلاثة أولاد ذكور, لها ضرة عقيم, ففي ساعة من ساعات الكبر والاستعلاء, أرادت أن تقول لها: يعني هذا طفل في بطني, وطفل على يدي, وطفل أمامي, في...... وأنت محرومة الأولاد, بكلام قاس, واستعلاء, لم يمض أشهر حتى مات أولادها الثلاثة, وأنجبت ضرتها خمسة أولاد ذكور. هذه تتكرر كثيراً.
صاحب أكبر محل حلويات بلبنان, كان يصدر يومياً للسعودية طائرة حلويات, يومياً, طائرة شحن, يعني له في لبنان سبعون فرع (في لبنان), دخل إلى معمله, عرك المعمول لم يعجبه, أمسك العجينة, وضعها على الأرض, وعركها برجليه بحذائه, قال له: سيدي –العامل- يعني يجوز!؟ قال له: الناس تأكل من تحت قدمي, مضى أربعون يوماً, قطعت رجلاه من ركبتيه, والآن مقيم في لندن.
هذه قصص تتكرر؛ لا تقل: أنا, لا تقل: بيتي, لا تقل: اختصاصي.
إنسان يحمل دكتوراه بالفيزياء والكيمياء, وصل إلى منصب قريب وزير, يعني في أعلى درجة من درجات القوة, والمنعة, والجاه, والعظمة, والغنى, فقد بصره, زاره صديق لي, قال له: والله يا دكتور فلان, أتمنى أن أجلس على الرصيف أتكفف الناس, وليس على كتفي إلا هذا المعطف, وأن يرد لي بصري.
ابق متواضعاً, تكلم بأدب, إذا بنعمة: يا ربي لك الحمد, عندك ولد صالح: يا رب هذا فضل منك, أنا أب مثالي, أنا تربيتي حازمة, لولا ما كنت منتبهاً له ما كان هكذا؛ في أذكى منك, وأشطر منك, وفي علماء كبار, أولادهم أشقياء, لا تقل ابنك جيد, لأنك أنت ربيته, قل: يا ربي هذه هبة منك, فكلما كنت عبد لله متواضع, اعترفت لله بالفضل, الله يرفعك, وكلما قلت أنا؛ مرة تقول ذكائي, مرة علمي, مرة اختصاصي, مرة أنا ابن فلان, مرة أنا جدي فلان, الله عز وجل يؤدبك. إذاً: صاحبا الجنتين هذه قصتهما.
الشيء الثالث:
﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾

﴿ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ 
[سورة التوبة الآية:71]
والآية اليوم-:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً
[سورة مريم الآية:96]
المودة بالتعريف الدقيق: سلوك أساسه الحب.
يعني: الله أحياناً يتودد لك, وهو الغني, هو الإله العظيم, ومع ذلك: يتودد إليك, أحياناً يرزقك, أحياناً يرفع شانك, أحياناً الناس يحبونك, أحياناً يلقي محبتك في قلوب الناس, لكن أحياناً أنت تجد نفسك متضايق, محروم, دخلك قليل, الله قال: الآن أنت في طور المعالجة, تحملنا قليلاً:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً 
[سورة مريم الآية:96]
يعني أحياناً الإنسان: إذا اطمَّع قليلاً يبرك, لا يعمل, كلنا نحن الآن, والصديقون, وكبار المؤمنين, عندهم اندفاع إلى الله عجيب, لكن نحن إذا كان وجدنا في دلال زائد نبرح, نرتاح, فربنا عز وجل لحكمة بالغة: لا يطمعنا, فأنت الآن في طور المعالجة, ونشجعك, لكن المستقبل لك:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً 
[سورة مريم الآية:96]
موضوع جهنم:
﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا
-في سورة مريم: هذه من أجل أن يكون في طمأنينة, الورود غير الدخول, دخول النار شيء.....
مرة كنا بمعرض حيوانات بطهران, في جناح خاص للأفاعي والثعابين, يعني غرفة فيها أكبر ثعبان, لكن لها جدار بللور سميك, والثعبان حي يتحرك, فيك تقرب منه أكثر من عشرة سانتي, يعني هو أمامك يتحرك, ويتمطى, ويتخطى, ويلتف في أغصان, فأنت مطمئن, هذا البللور السميك: حجاب بينك وبينه, أنت لم تدخل إلى عنده, فقط اطلعت عليه؛ فورود النار غير دخولها, ورود النار.
يستطيع المؤمن يوم القيامة أن ينظر إلى أهل النار دون أن يدخلها, ودون أن يتأثر بوهجها؟ إطلاقاً, إلا أنه لماذا يرى هذه الرؤيا؟ لتتضاعف سعادته, يعني انظر يا عبدي: لولا أنك عرفتني في الدنيا, لولا أنك أطعتني, لولا أنك اتصلت بي, لولا أنك التزمت أمري ونهي, لما كان هنا مكانك.
يعني: إذا شريكان اتفقا, اقترح واحد على الثاني صفقة تهريب, قال له الثاني: لا, أنا لا أدخل معك, فلما لم يرض الثاني, فكا الشركة, المقترح اشترى الصفقة, وضبط, أخذ إلى السجن, ذهب ليزوره صديقه, هو من الخارج, تتضاعف سعادته بهذا القرار الحكيم, لو كان وافق معه, كان جلسا في الداخل الاثنين معاً.
فأنت ورود النار غير دخولها, أولاً: لترى عدالة الله؛ أن الإنسان بالدنيا كل أسمائه الحسنى ظاهرة في الكون, إلا اسم العدل, لأنه في ظلم ظاهري؛ في فقير وفي غني, في مقهور وفي ظالم, والإنسان قد يموت ويبقى الظالم ظالماً, والمقهور مقهوراً, فمن أجل أن يتحقق لك اسم العدل يوم القيامة, لك أن تطل على النار دون أن تدخلها, فترى مصير الظالمين, وترى المكان الذي كان من الممكن أن تكون لو لم تكن مع الله, هذا معنى واردها-:
﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً
[سورة مريم الآية:71]
أما في سورة طه, في سورة طه نقطة دقيقة جداً, هذه النقطة:
﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾
[سورة طه الآية:16]
يعني: إياك, ثم إياك, ثم إياك أن تصغي إلى من يتبع هواه, هذا إنسان جاهل, وأعمى, وشقي, فأنت ليس لك حق تستنصح إنساناً يتبع هواه:
﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى
[سورة طه الآية:16]
معه, في آيات تشابهها, نعم:
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً 
[سورة الكهف الآية:28]
في آية ثالثة:
﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾
[سورة لقمان الآية:15]
إذاً: هذا الدين قضية خطيرة جداً.
((دينك دينك إنه لحمك ودمك, خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا, إن هذا العلم دين, فانظروا عمن تأخذون دينكم))
في الدين لا يوجد مجاملة, يعني أحياناً الإنسان يتملق الآخرين, يطمئنهم عن....... 
قال: شخص أحد الشيوخ قال: أن أحد تلاميذنا توفي, فنزل دفنوه, جاء الملكان فسألوه: من ربك؟ جاءتهم رفسة أطاحت بهم خمسمئة متر, فسمع: أمثل هذا يُسأل؟ هذا لأنه كان تلميذنا, هذا كله خلط بخلط.
سيدنا رسول الله قال:
((استغفروا لأخيكم فإنه الآن يسأل))
[أخرجه أبو داود عن عثمان بن عفان]
((استغفروا لأخيكم فإنه الآن يسأل))
[أخرجه أبو داود عن عثمان بن عفان]
فالإنسان عليه أن يكون أديباً مع الله عز وجل.
((دينك دينك إنه لحمك ودمك, خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين الذين مالوا))
آخر نقطة: لا أعتقد أن شخصاً يقرأ الآية لا يحس برعشة, الله خاطب سيدنا موسى, قال له:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي 
[سورة طه الآية:41]
يعني أنت لك عمل لله؟ أحياناً يكون كل عملك في النهار لمصالحك؛ تجارة, وصناعة, وزراعة, ومشاريع, وسفر, وعقد صفقة, وقبض, ودفع, ومطالبة, وحسابات, ليس لك عمل لوجه الله خالص, لا تبتغي منه شيئاً؟ يعني هل أنت في حاجة الله؟
سيدنا عثمان, النبي قال له: 
((اللهم إنه في حاجتك وحاجة رسوله))
هذه عن عثمان, يعني إذا الواحد من أخواننا الكرام المؤمنين, الصادقين, ليس له عمل خالص لله, يا ترى؛ أنت لك دعوة لله عز وجل؟ بذهنك هكذا تهدي أناس إلى الله عز وجل؟ يعني لك هكذا صديق تأنس منه الخير, تدله على الله, تزوره, تواده, تخدمه, تعطيه شريط أحياناً, تقرضه أحياناً حتى تالف قلبه؟ ليس لك مسعى أبداً لخدمة الخلق؟ ليس لك مسعى أبداً لإرشادهم إلى الله عز وجل؟
سيدنا موسى طبعاً:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي 
[سورة طه الآية:41]
يعني: أنت ملك لي, فالمؤمن الصادق, قال له:
((يا سيدي كم الزكاة؟ -شخص سأل العارفين بالله- قال له: يا بني عندنا أم عندكم؟ قال له: عجبت......... قال له: يا بني, عندكم اثنان ونصف بالمئة, أما عندنا العبد يناله بسيده))
نحن عند العبد ليس له شيء أبداً, كله لله, فهؤلاء الصادقون, السابقون, أولئك المقربون؛ وقته كله, طاقته كلها, ملكاته, طلاقة لسانه, قراءاته, مطالعاته, أوقاته كلها لله, فقط يأكل, ويشرب, ويتزوج, ويعمل, لكن كله لله, فهذا الإنسان لما يصل لهذه الدرجة, لم يعد له حظ نفس إطلاقاً, لذلك: مهما لقي من الناس ضغط, أو لؤم, أو جحود, لا يبالي, هو يرضي الله عز وجل, الله يجعلنا من هؤلاء:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي 
[سورة طه الآية:41]
يعني: إذا أحد أخواننا الكرام ليس له عمل خالص لله بالدار الآخرة, لا يبتغي منه لا مالاً, ولا سمعة, ولا جاهاً, إلا أن يقول: يا ربي هل أنت راض عني؟ هذا المؤمن الصادق. قال له:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي 
[سورة طه الآية:41]
ولما الإنسان يكون عمله لله عز وجل, الله يسعده سعادة العقل لا يتصورها, في الدنيا قبل الآخرة, حتى إنه قيل:
لما سيدنا رسول الله قال: 
((أبو بكر في الجنة))
هناك من فسرها تفسير عميق: هو الآن في الجنة, في جنة في الدنيا (جنة القرب).
ماذا قال أحد العارفين بالله؟ قال:
((في الدنيا جنة, من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة))
ماذا قال هذا العارف نفسه؟ قال:
((ماذا يفعل أعدائي بي, بستاني في صدري؛ إن أبعدوني فإبعادي سياحة, وإن قتلوني فقتلي شهادة, وإن حبسوني فحبسي خلوة, فماذا يستطيع أن يفعل أعدائي بي؟))
قال أحد العارفين أيضاً: 
((مساكين أهل الدنيا, جاؤوا إلى الدنيا وخرجوا منها, ولم يذوقوا أطيب ما فيها؛ إنه القرب من الله عز وجل))
فالإنسان لا يكون بمصالحه فقط؛ يكون في مصلحة الحق, يكون جندي للحق, يكون بخدمة الخلق, يكون بالدعوة إلى الله, يكون ب...... يربي أولاده, يربي أخواته, يعمل درس لأخواته البنات, يعاون الناس, يخوفهم, ما في إنسان له عمل صالح, إلا يرقى به عند الله, نعم.
أنا مرة شخص -توفي رحمه الله- خادم مسجد, لكن عجيب: هذا المسجد مستحيل يكون في أنظف بيت بالشام قريب منه, إلا الجامع أنظف, تدخل إلى دورات المياه, الرخام نظيف, المنظفات, ومات -مسكين- بالروماتيزم.
مرة قلت له: أنت ترهق نفسك أكثر مما يجب.
يعني شخص أحياناً: يكون يلبس بدلة كحلي, يصلي, يصبح عليها بقعاً بيضاء من الغبرة, هذا تدخل للجامع مثل البيت, كله بالمكانس الكهربائية نظيف, البللور يلمع, المغاسل نظيفة, أرقى من بيت, هو يعمل لوحده, قال لي: ما الله قال: أن طهرا بيتي؟
هو كل هذه الأعمال التي عملها, منطلق: من هذا بيت الله, أنا أطهره حتى يقبلني الله, وأنا أظن به ظن حسن, مات صالح, مات ميتة طيبة جداً, فالإنسان يحتاج إلى عمل؛ يخدم جامع, تدل على الله, تنشر الحق, تخدم إنسان, تعاون يتيم, تبر أرملة, لا بد لك من عمل صالح ترقى به, وأرقى عمل صالح: أن تدعو إلى الله, وأن تكون قدوة لغيرك:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي 
[سورة طه الآية:41]
الواحد لا يحوص كثيراً حول مصالحه. 
قال: 

((هم في مساجدهم والله في حوائجهم, وعبدي كن لي كما أريد, أكن لك كما تريد, وكن لي كما أريد, ولا تعلمني بما يصلحك, وأنت تريد وأنا أريد, فإذا سلمت لي فيما أريد, كفيتك ما تريد, وإن لم تسلم لي فيما أريد, أتعبتك فيما تريد, ثم لا يكون إلا ما أريد))
والحمد لله رب العالمين

mouradmerzougui
الإدارة العامة
الإدارة العامة

عدد المساهمات : 953
تاريخ التسجيل : 11/06/2016

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى