تاونسيت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

آيات تدفعك إلى الصدقة

اذهب الى الأسفل

آيات تدفعك إلى الصدقة Empty آيات تدفعك إلى الصدقة

مُساهمة من طرف mouradmerzougui السبت يونيو 18, 2016 2:29 am

حب الإنسان للمال:

عباد الله: خلقنا الله -تعالى- في هذه الدنيا للابتلاء: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2].

وخلق في الدنيا فتنًا، يبتلي بها عباده؛ كالمال، واستخلفهم فيه على تفاوت بينهم، لينظر كيف يعملون. وجعل الله -سبحانه وتعالى- الأجر العظيم فيمن يتغلب: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]. فيخرجه في أنواع وجهات الصدقات المختلفة، بالليل والنهار، سرًا وعلانية، من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم.

الترغيب في القرض الحسن:

إذا كان المقترض غنيًا كان المقرض أشد رغبة في إقراضه، فإذا كان المقترض ينمي المال الذي اقترضه، ويرده إضعافًا مضاعفة، هذه عادته، وهذه قدرته، كانت الرغبة في إقراضه أشد.

وإذا كان يرد بالإضافة إلى مال القرض، ومضاعفاته، ونمائه وثمرته، يضيف إليه شيئًا عظيمًا من عنده زائدًا، من غير القرض، كان ذلك أشد رغبة من المقرض في الإعطاء.

فإذا كان المقترض لا حاجة له في القرض أصلاً، وهو مستغن عنه، لن يستعمله، ولن ينفقه، ولن يقربه من جهة الاستعمال والحاجة، فكيف تكون الرغبة؟

قال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: 11].

هو الغني، يطعم ولا يطعم، يجير ولا يجار عليه: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا} [الحـج: 37]. لا يحتاج إلى أحد من خلقه، ومع ذلك يسمي الصدقة من عباده: {قَرْضًا} [البقرة: 245]. ويسمي هذا العمل منهم: {قَرْضًا}: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: 11] الله غير محتاج، الغني عن كل العباد، والأموال، عنده خزائن السماوات والأرض، يده ملأى لا تغيضها نفقة، وهو يعطي ويعطي ويعطي ولا ينقص مما عنده شيء، لكن كرم العبد الذي يقوم بهذه العبادة، بأنه مقرض: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: 11].

شروط القرض الحسن:

ما هو القرض الحسن؟

ثلاثة شروط:

أولاً: أن يكون من مال طيب.

ثانيًا: أن يكون بطيب نفس.

ثالثًا: ألا يكون معه: {مَنًّا وَلاَ أَذًى} [البقرة: 262].

واحدة في المال نفسه: طيبًا من غير حرام، ولا خبيث.

وواحدة بينه وبين ربه: طيبة به نفسه، يرجو الأجر.

نفسه سخية في الإعطاء، لا تتردد؛ لأنه يعلم الخلف العظيم عند الله.

والثالثة بينه وبين الفقير، لا {مَنًّا وَلاَ أَذًى} لا مع الإعطاء، ولا بعد الإعطاء، لا يعطيه وهو يمن عليه، ولا يذكره بعد ذلك، لا {مَنًّا وَلاَ أَذًى}.

هذا القرض الحسن: {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [الحديد: 11].

ويربي الله التمرة، حتى تصبح مثل جبل أحد، وأكبر.

وبالإضافة إلى هذه المضاعفات: {وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} إضافي من غير القرض، الصدقة من عنده -تعالى-: {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}.

أمثلة قرآنية في الصدقة:

الله -عز وجل- جعل في القرآن أمثالاً لا يعقلها إِلَّا الْعَالِمُونَ، لا يفهمها إلا أولوا الألباب.

وفائدة العلم: أنه يفهمك بماذا ضرب الله المثل، وما هو المثل، وأين المشبه، وأين المشبه به، وما هو وجه الشبه، لا يعقلها إِلَّا الْعَالِمُونَ.

{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ} [البقرة: 261].

عجباً! إنه جعل المشبه: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} وما ذكر النفقة والصدقة نفسها، المشبه بهم، في فلاح {وحَبَّةٍ} هناك متصدق وصدقة، ما ذكر الصدقة، ذكر المتصدق، وهنا المشبه به، يوجد فلاح، و{حَبَّةٍ} ما ذكر الفلاح ذكر الحبة فقط.

ذكر من كل طرف أهم ركنيه: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ} [البقرة: 261]. الحبة أين توضع؟

تحت الأرض.

إذًا، هي خفية، ليست ظاهرة، لكن يظهر أثرها بعد ذلك.

هذه إذًا إشارة إلى خفاء وإخفاء الصدقة: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ} [البقرة: 261].

ولا يوجد في عالم الكسب أشد توكلا من المزارع؛ لأن مصادر الكسب متعددة: الصناعة، والتجارة، والزراعة، والمغانم التي يورثها الله المؤمنين في جهاد الكفار، أحل الحلال على وجه الأرض: {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا} [الأنفال: 69].

المزارع أشد الناس توكلاً على الله، يبذر، ويعمل بالأسباب، يسقي، ويتعاهد، ويحارب الآفات، يرجو النبات والنماء والحصاد والاستفادة.

ومعنى ذلك: أن هذا المنفق في قلبه من معاني الإيمان، وهو يرجو الأجر عند ربه، فيه من معاني الإخلاص والإيمان، الشيء العظيم جداً، فهو يعطي وقلبه مليء بالرجا من الله، بالخلف والنماء والمضاعفة: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261].

{سَنَابِلَ} من جموع الكثرة، الصيغة في اللغة صيغة جمع التكثير.

والعادة: أن يأتي مع السبعة: أنها عدد، ليس كثيرًا دون العشرة، أن يأتي معه صيغة جمع التقليل، كما جاء في سورة يوسف: {وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ} [يوسف: 46] هنا قال: {سَبْعَ سَنَابِلَ}. {سَنَابِلَ} من جموع التكثير، وهو يقصد ويريد، أن هذه الحبة ستتحول إلى شيء عظيم، كثير: {فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ} [البقرة: 261] من السبعمائة حبة.

من الإعجاز الإلهي في التشبيه القرآني: أن يصور لك غير المرئي بالشيء المحسوس المرئي، أجر الصدقة غير محسوس، ولا ملموس، ولا مرئي، لكن انظر إليه في تشبيهه وتصويره، من بلاغة القرآن العظيمة من البيان الإلهي:{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 195] عندما يصوره لك بشيء مرئي: {أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ}.

والسنابل معروفة مرئية محسوسة: {فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261].

وليس فقط أن تكون الحبة سبعمائة حبة، وإنما أكثر من ذلك، بحسب الإخلاص والإيمان في قلب المنفق المتصدق، فقال بعد السبعمائة: {وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].

لما ذكر في سورة البقرة أهل النفاق الذين يعملون أعمال خيرية: {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} [البقرة: 264] حجر صلب أملس: {عَلَيْهِ تُرَابٌ} هل القاعدة هذه أسفل التراب؟ هل الأرضية أسفل التراب، مهيأة لإنبات أي شيء؟

{صَفْوَانٍ} أملس أبداً، ولذلك: {إِذَا جَاءهُ} شيء من المطر، غسل التراب، ولم ينبت شيئًا، هذا قلب الكافر، أو الفاجر، أو المنافق، نفسه إذا أنفقت لا تخرج شيئًا، ولا نماء.

وذكر مثل المؤمن: ك{جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} [البقرة: 265] في مكان متوسط، مرتفع الهواء، يأتيه الشمس: و{أَصَابَهَا وَابِلٌ} وإذا {لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} فتنبت: {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: 265].

ثم ذكر مثلاً عجيبًا، فقال: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} [البقرة: 266] بستان عظيم: {مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} من أنفس الثمار، النخيل والأعناب، يؤكل رطبًا ويابسًا، وهو فاكهة الرطب، وغذاء التمر، ودواء، سبع تمرات في الصباح، وخصوصًا من تمر العارية، تقي السم والسحر، وكذلك قوت غذاء، انظر إلى صدقة الفطر، وقد أجاز الشرع إخراجها من الطعام، ونص الفقهاء: التمر والزبيب، من العنب: {مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} فلا تحتاج إلى سقي، وجهد، الأنهار التي بطبيعتها سارحة في هذه الأرض، وليس فقط في هذه الجنة نخيل وأعناب: {لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ}.

إذًا، هذا رجل: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ} مسن، شيخ متقدم في السن، الكبر، الهرم، ما عد قادر على الكسب، والعمل: {وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء} [البقرة: 266] إناث، أو مرضى، أصحاب عاهات، أيتام صغار.

فمن كم جهة تعلقت نفسه بهذا البستان؟

أولاً: هو {جَنَّةٌ} بستان عظيم، ففيه أشجار كثيفة.

ثم الثمار نفيسة: {نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ}.

ومتنوعة: {مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ}.

ولا يحتاج إلى تعب في السقي: {تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}.

وهو -بعد الله- عيشه عليه، ومصدر دخله منه، وليس له غيره، وغير قادر على أن يكسب، بأي سبب آخر: {وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ}.

ويخشى على صغاره وإناثه، من بعده، فليس لهم -بعد الله- إذا ولى أبوهم إلا هذا البستان: {وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء}.

وفجأة: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ}.

وتعلمون الإعصار كيف يدور، وفي جوف الإعصار عمود النار يتحرك، فيدمر الإعصار بقوة الريح، وتحرق النار الباقي:{فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ}.

كيف تكون نفسية هذا الرجل؟

الإحباط والاكتئاب والانهيار.

خطر الرياء على الصدقة:

هذا مثل، لكن مثل لماذا؟ لأي شيء؟

قال عمر -رضي الله عنه- وعنده ابن عباس: "رجل كان يعمل بطاعة الله، ثم انقلب، وصار يعمل بمعصية الله". وقال المفسرون أيضاً: "المراؤون".

هذا الإعصار -أيها المسلمون- إعصار الرياء، إعصار المن والأذى، الذي يغير على أجر الصدقة، فيذهبها، فيأتي صاحبها يوم القيامة محتاجًا إلى حسنات أشد الحاجة، وأشد من احتياج صاحب الجنة على كبر سنه، وضعف ذريته، ومتعلق، ويريد الأجر من وراء أعماله، لكن ما في إيمان: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [الفرقان: 23].

ما في إخلاص، إعصار الرياء أذهب كل شيء.

خيبة الأمل الكبرى، والانهيار النفسي العظيم، يصور لك بهذا المثل الحالة النفسية لهؤلاء عندما يأتون يوم القيامة، لا إيمان، ولا إخلاص، أي شيء سيجنونه من أعمالهم؟

{هَبَاء مَّنثُورًا}.

نماذج رائعة في إخفاء الصدقة:

أما -يا إخواني- عندما يكون إيمان وإخلاص، الله يضاعف القليل.

واحد مدرس يختار أن يبقى في المكان النائي الذي عين فيه، مع إمكان نقله إلى بلد كبير ومدينة؛ لأن هناك فقراء، يشرف عليهم.

ومدرس بحكم معرفته بالطلاب الفقراء من خلال التدريس، فهو يقوم بتوزيع الخبز على بيوتهم قبل الفجر، ليتمكن أهلهم من عمل شيء لهم يأخذونه إلى المدرسة.

ومدرسة تأتي بالماء البارد إلى الطالبات طيلة أيام الاختبارات، ولا يعرف من هي.

وأيتام وفقراء يجدون على أبوابهم طعامًا من جميع الأنواع، يؤتى به قبل الفجر، ولا يعلمون من يأتي به. وتاجر يجمع أولاده قبل موته، وعنده دفتر فيه الديون، لكن خصه بكتابة ديوان المعسرين، فيرمي به في النار أمامهم.

ورجل ليس عنده ذرية يبني المساجد، ويقول: هؤلاء أولادي وذريتي!.

وآخر ضعيف ذات اليد، لكن ما تيسر له، ولو مناديل للمسجد، أو بعض قوارير المياه الباردة يضعها. وأخرى بسائقها على باب، وعلى سور، وعلى قارعة الطريق طاولة، فيها حاجات العمال، وهم ذاهبون صباحًا إلى أعمالهم، من إفطار يقوي.

وآخر يدعو عمال وسائقي الحي، بعد صلاة الجمعة إلى الغداء كل جمعة، من ليس عنده ارتباط يدعوهم، يراعي غربتهم، وحشتهم، ضعفهم، فيؤنسهم.

كثرة أبواب الخير وأنواع الصدقات:

أبواب الخير عظيمة -يا عباد الله-، أنواع الصدقات كثيرة، وليست فقط الصدقات المالية: ((على كل سلامى من أحدكم)) كل مفصل من الثلثمائة والستين مفصل في جسدك صدقة، حق لله في هذه المفاصل ((ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) [رواه البخاي: 2989، ومسلم: 1704، واللفظ له].

((وفي بضع أحدكم صدقة)) [رواه مسلم: 2376].

والنفقة على الأهل صدقة، وإنظار المعسر صدقة، والإعانة، والشفاعة، والحمل معه صدقة.


اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من المفلحين يا رب العالمين، اللهم اجعلنا لك مخلصين لك، ذاكرين لك، شاكرين يا رب العالمين.

أعنا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك.

وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.

mouradmerzougui
الإدارة العامة
الإدارة العامة

عدد المساهمات : 953
تاريخ التسجيل : 11/06/2016

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى